برج آزادي
بناءٌ خاصٌ للغاية؛ برج آزادي طهران، أول رموزالعاصمة الايرانية و أكثرها تميّزاً حيث تتلاقي فيه كافّة انواع الفنون و الانماط المعمارية التي تفوّقت فيها ايران بفتراتها التاريخية كلّها من الادوار الاثرية (أخمينيين و الساسانيين)الى الفترة الاسلامية بحيث يسحر عيون ناظريه عن طريق إجراء هذه الفنون العريقة الفاخرة ملفّقاً بينها وبين اساليب الحديثة الرائعة سواءً في انحاءه الخارجية المذهلة و المنعشة أو اجواءه الداخلية المصمّمة بغاية الذوق الايراني و المزخرفة بمنتهى الفن البارسي.
برج آزادي يقف امامكم شامخاً فور دخولكم طهران واصلين من مطار مهرآباد أو عبر طريق شهيد لشكري الكبير (طريق كرج المخصوص)و هو يحتلّ موقعاً لطيفاً في المدخل الغربي للمدينة حيث يقع وسط ساحةٍ تدعى بنفس الاسم أي ساحة آزادي أكبر ساحات طهران و ثاني أكبر انواعها في ايران، ساحةٌ تمّ تصميمها و بناءها متزامنةً مع البرج سنة 1971 للميلادي بأمرٍ من الملك محمد رضا البهلوي و الملكة فرح ديبا و على يد المهندس الايراني "حسين امانت" الذي كان آنذاك في 24 من عمره و تمّ إختياره من بين العديد من المهندسين الايرانيين الذين كانوا قد تطوّعوا لإنجاز هذه المهمّة أي بناء صرحٍ لائقٍ يعكس فخامة العاصمة و إزدهارها لكلّ من يدخل المدينة بالإضافة الى كونه مبنى تذكاريّاً مهيباً يُبنى تكريماً للإحتفالات الملكية الضخمة التي كانت تقام في ايران طوال 2500 عاماً.
أطلق على هذا البرج الرائع عند بناءه اسم "شهياد" الذي يتكوّن من "شه" و "ياد" بمعنى ذكرى الملك ولكن مع إنقراض الحكم البهلوي و فوز الثورة الاسلامية للشعب الايراني تغيّر اسم البرج الى "آزادي" أي الحريّة تكريماً لحريّة الايرانيين و أصبح من أهمّ معالم طهران، برجٌ حجريٌّ أستخدمت في بناءه 25000 قطعة حجرية جيرانيتية فاخرة و متنوعة الاشكال حيث كانت و لم تزل يجذب افواج السياح بجماله و يشهد إقامة الاحداث الايرانية المصيرية لاسيّما إحتفالات الثورة الاسلامية خاصةً يوم 22 شهر بهمن المتزامنة مع يناير- فبراير.
جولةٌ مغريةٌ في عمارة برج آزادي؛ متمتّعين بما فيها من الهندسة المعمارية المدهشة و الفنون الجميلة التي قد إجتمعت معاً في ذروة الدقة و الإناقة بحيث إستمدّ كلٌّ منها الهامها من إحدى أهمّ معالم ايران السياحية الاثرية متناغمةً مع اساليب عمارة الحديثة على سبيل المثال سقف الطابق الثاني يعدّ نموذجاَ رائعاً لهذه الميّزة، نبدأ بساحة آزادي المحيطة بالبرج و تعتبر أكبر ساحةٍ في طهران و ثاني أكبر الساحات الايرانية حيث تولّى مسؤوليّة تصميمها و بناءها المهندس الايراني حسين امانت بالتزامن مع بناء البرج مستفيداً فيها من النقوش و الفنون المتوفّرة في داخل قبّة مسجد شيخ لطف الله اصفهان إضافةً الى النافورات المستخدمة فيها التي تذكّركم بنظام الري في الحدائق الايرانية الكلاسيكية لاسيّما حديقة فين كاشان.
ننطلق الآن الى البرج؛ صرحٌ أبيض اللون رحبّ بكم فور الوصول، قوسه الاصلي يعدّ رمزاً لقوس كسرى أي قصر الملوك الساسانيين و القوس الأعلى الحادّ يتكلّم معكم عن عمارة الفترة الاسلامية و المقرنصات التي تتمّ بها الاجواء الموجودة بين القوسين تعتبر فناً ايرانياً عريقاً و أخذت الهامها من قبة المساجد الايرانية التي تمثّل عبقرية الفنانين الايرانيين و مواهبهم الفنية.
متوفّراً في واجهة البرج التفاتاً لانظاركم؛ الفتحات الأنيقة المزيّنة بزخارف القاشاني الأزرق (من أقدم الفنون الايرانية)لا تستخدم هذه الفتحات للتزئين فحسب بل تتمتاز ايضاً بإستخدامها لتبريد الهواء و تكييفه كنموذجٍ من ساحبات الهواء القديمة (بادجيرات)أو الى جانبها نوافذ تشبه خلايا النحل المذكّرة لمكان الحراس في القلاع القديمة حيث تجعلكم مطلّين على مناظر الساحة و المدينة فضلاً عن جمالها.
راقدةً على سطح البرج إثارةً لإعجابكم؛ القبّة المزيّنة بالقاشاني الأزرق الجميل و يتوسّطها مشرقٌ يتولّى مسؤولية إشراق البرج، طبعاً لا يمكنكم رؤية القمة من الخارج بل تتمكّنون من الذهاب الى السطح عبر الانحاء الداخلية.
تجوال بغاية الروعة داخل البرج؛ حيث تجعلكم تنسون مرور الوقت و الشعور بالتعب،هنا تعجبكم روعة الحداثة و جمال الفن، متكوّناً من الاقسام المتنوّعة لاسيّما القاعات التي قد تمّت زخرفة جدرانها و سقوفها بأجمل الفنون و التصميمات الايرانية الفاخرة منها قاعة ايران (ايرانشناسي)الجميلة للغاية أو قاعة المرايا أو قاعة المعلومات (دانستنيها) أو معرض الصور أو ممرّالتكنولوجيا أو معبر الأسلاف (پیشینیان) أو المكتبة مشتملةً على مجموعةٍ من الكتب المرجعيّة النفيسة.
قاعة القديم (كهن)أي متحف برج آزادي؛ حيث تعرض لكم مجموعةً بذروة الفخر و الفخامة من الآثار ايران التاريخية و الوطنية منها المنمنمات الأنيقة و الفخارات الملوّنة و لوحات الرسم النفيسة بالإضافة الى إحتضانه لنسخةٍ من ميثاق كوروش الكبير (نسخته الاصلية في المتحف البريتاني)، قسم الأحجار و المجوهرات من أكبر مجموعات العالم المحتضتة ل140 نوعٍ من الاحجار و المجوهرات النادرة.
برج آزادي الذي قد تمّ إعتباره کأحد أبرز معالم طهران الموصى بها و أكثرها تميّزا لما يحتضنه من العجائب الفنية و المعمارية خاصّةً بالنسبة للراغبين في عمارة ايران و فنّها و ثقافتها و تاريخها المجيد يدعوكم بكامل الحفاوة.