سوق تبريز
واقعاً في شمال غرب ايران و مثيراً لدهشة مسافري مدينة تبريز؛ مجموعة سوق تبريز؛ أكبر صروح العالم الاثرية المسقوفة و من أكبرها متوفّراً في الشرق الأوسط، مجموعةٌ رائعةٌ و فريدةٌ تمّ إدراجها ضمن قائمة يونسكو للتراث العالمي لكي يعرض للعالم بأكمله نموذجاً لا مثيل له من تاريخٍ مجيدٍ و ثقافةٍ غنيةٍ و فنونٍ عريقةٍ يفتخر بها الشعب الايراني.
يعدّ سوق تبريز من أكثر اسواق العالم تفرّداً و ذلك بفضل ميّزاته الفنية المنقطعة النظير منها: النمط المعماري المذهل للغاية الذي يجعلكم تعبرون من متاهةٍ متشابكةٍ متمتّعين بسقوفٍ مقبّبةٍ عاليةٍ مزخرفةٍ بالمقرنصات الجميلة، تتمشّون هنا و تنسون هموم الدنيا، الى جانب أسلوبٍ جميلٍ أستخدم في تأثيث المحلّات و ترتيبها و تعجبكم الحرف و المهن المتنوّعة التي تتمّ إنجازها في انحاءها مثلما تلفت انظاركم العديد من الاسواق الفرعية و الخانات و الحمامات و المدارس الدينية و المساجد التي تتمتّع أغلبيتها من تاريخٍ قديمٍ و تحوّل السوق الى مثالٍ باهرٍ للتلفيق بين التجارة المزدهرة و الحياة طبقاً للأصول الاسلامية الشرقية.
يدعوكم سوق تبريز لتجربة جولةٍ تاريخيةٍ لا تنسى محتلّاً لموقعٍ مثاليٍّ و راقداً بالفخر و الفخامة في قلب المدينة حيث تزورون جماله و روعته بالإضافة الى إستمتاعكم بالآثار التاريخية الواقعة في قلب السوق مثل مسجد جامع تبريز بإعتباره أحد أجمل مباني ايران الاسلامية أو مجموعة القصور الملكية في شرقية السوق و نهر مهران رود الجاري في شماله.
لم يتبيّن تاريخٌ لبناء السوق الاصلي و لكن كبار سيّاح العالم مثل ماركوبولو و إبن مطوطه و جان شاردان و جاكسون و و اوجين فلاندن الذين قاموا بزيارة السوق منذ القرن الرابع تكلّموا عنه بإسهابٍ مشيدين بإزدهاره و مكانته العالمية المرموقة الناتجة من موقعه الجغرافي الإستثنائي حيث كان يقع على إمتداد طريق حرير العالمي و أدّت هذه الميّزة الى كونه مركزاً عالميّاً هائلاً للتجارة لاسيّما طيلة القرنين"14" و "15" للميلادي و أصبح مضيفاً لآلاف القوافل التجارية القادمة اليه يوميّاً من الدول الاروبية و الافريقية و الآسيوية.
ملفتٌ لأنظار الراغبين في تجربة تجوالٍ مدهشٍ و تسوّقٍ لا ينسى في الاجواء اللطيفة و المهدئة و المتمتّعة من الروح التاريخي، سوق تبريز يحتفظ في أحضانه عدداً من الاسواق الفرعية التي تعطيكم أفضل ما كنتم تبحثون عنه منها سوق أمير (تيمجه أمير) الذي يعدّ أروع اسواق تبريز عمارةً و أكثرها إزدهاراً، مكانٌ يعجبكم لاسيّما عشّاق الذهب و المنتجات الذهبية أو سوق مظفرية (تيمجه مظفرية) بإعتباره أهمّ و أجمل الانحاء المتوفّرة في سوق تبريز حيث كان و لم يزل يكون أحد أكثر مراكز ايران تميّزاً لتجارة السجادات و إصدارها، الميّزة الهامّة المؤدّية الى سمعته العالمية.
نضيف متعتكم مع إخباركم بأنّ سوق تبريز لن تقتصر شهرته للروعة المعمارية و الغنى الثقافية و الجمال الفنّي بل شهد و إحتفظ في ذاكرته الكثير من الأحداث الهامّة لتاريخ ايران منها دورٌ هامّ لعبه في الحركة الايرانية الدستورية (حركة مشروطه)، إذا قام التجار بإغلاق محلاتهم محتجّين، العمل الذي أدّت الى إنتصار الحركة و تشكيل الجمعية الوطنية و الموافقة على الدستور الايراني الأوّل.
سوق تبريز قد عثر على جائزة مؤسّسة آغاخان الدولية (AKDN) بإعتبارها أفضل جوائز العالم ماليّاً وذلك بفضل ميّزاته الفنية و تصميماته الرائعة المستخدمة في بناء المكان و ترميمه.
تحفةٌ معماريّةٌ موصى بها و يجب زيارتها يكي يتم إستكشاف جمالها؛ سوق تبريز، رغم قرونٍ متماديةٍ مضت على إنشاءه لم يزل يقف نابضاً بالحياة و محتفظاً بالروعة و جاذباً لاأفواج السياح سواءً كانوا من محبّي الفنّ و العمارة أو من المهتمّين بالتاريخ و الثقافة أو من عشّاق التسوّق في أجواءٍ خاصّةٍ.