هكمتانه
من أروع المعالم الايرانية المتمتّعة من سمعةٍ عالميّةٍ مرموقةٍ ، التي مازالت حيّةً و باقيةً و شامخةً امام العالم بعد مرور مئات القرون المتمادية حيث تسترعي انظار السائحين بما تضمر في انحاءها من ذكرياتٍ تاريخيةٍ فاخرةٍ و باهرةٍ ! تلال هكمتانه.
الواقعة في قلب مدينة همدان إحدى أروع و أقدم الوجهات الايرانية المحتلّة لموقعٍ جغرافيٍّ إستثنائيٍّ للإصطياف و ذلك بفضل طبيعتها الساحرة و طقسها اللطيف و صروحها السياحية بمختلف انواعها.
تلال هكمتانه (بمعنى مكاناً للتجمّع) تحتضن في قلبها مدينةً اثريّةً مهيبةً و متمتّعةً من تاريخٍ يعود الى القرن الثامن قبل الميلاد و موطنٌ لحضارةٍ تُعتبر من أقدم حضارات العالم و أكثرها إزدهاراً. تمّ تشييدها على ايدي اقوام الميديين بأمرٍ من ديااكو الملك الميدي الأول عاصمةً فريدةً و مزدهرةً و عظيمةً لحكومته إذاما قام ببناء امبراطوريته الكبيرة بإعتبارها الامبراطورية الايرانية الاولى ، حكم الميديون على ايران لفترةٍ أكثر من الفي سنة.
تشتمل هذه المدينة على سبعة قلاعٍ حصينةٍ و عاليةٍ شُيّدت متداخلةً و تمّ تلوينها طبقاً لطريقٍ مثيرٍ للإهتمام بحيث أنّ كلاًّ منها كانت بلونٍ خاصٍّ مستمدّةً الهامها عن القصور البابلية (من الاولى الى الخامسة :البيضاء و السوداء و الارجوانية و الزرقاء و البرتقالية و القلعتين الاخيرتين إحداهما كانت مغطّاةً تماماً بالفضة و الاخيرة بالذهب) ، فضلاً عن الجدران المرتفعة و الرائعة ، كلٌّ منها بُنيت أكثر ارتفاعاً عن الجدار التالي.
امّا القصر الملكي تمّ بناءه في القلعة الاخيرة متكوّناً من مئات الغرفة و مزخرفاً بزخارف و تزئينات رائعة الجمال (طبقاً لما قال بليبيوس أحد المؤرخين اليونانيين) بحيث لا يمكن وصفها عبر الكلمات ، الاخشاب المستخدمة في القصر كلّها كانت من اشجار السرو والصنوبر مغطّاةً تماماً بالذهب ، امّا الابواب و الاعمدة و الشرفات تمّت زخرفتها بانواعٍ من النحت و النقوش و الرسوم و الفسيفساء و هذه الزخارف ايضاً كانت مغطّاةً بالفضة.
ميّزةٌ فاخرةٌ تجعل مدينة هكمتانه منفردةً بين مثيلاتها هي فنونها الخاصّة للعمارة و التصميم و التخطيط و الأهمّ من ذلك هو نظامها الرائع للريّ و هذه كلّها تحكي لكم عن مستوى التقدّم و الإزدهار التي حصلت عليها الامبراطورية الميدية في ايران.
بعد انهيار الامبراطورية الميدية أثارت مدينة هكمتانه إهتمام الامبراطوريات التالية بعدها ايضاَ نظراً لموقعها الجغافي المثاليّ ، ای الاخمينيون والساسانيون و البارثیون جعلوا هذه المدينة عاصمةً صيفيةً لحكمهم.
الالواح النفيسة الذهبية و الفضية المكتوبة بالخطّ المسماري بالاضافة الى الصحون و الاواني و الادوات الفضية و الذهبية المصنوعة على اساس التصميمات الجميلة تُعتبر من أهمّ و أروع الآثار التي تمّ إكتشافها في المدينة و جديرٌ بالذكر أنّ الكثير منها تُعدّ من الآثار المتبقية من الامبراطورية الاخمينية و يُحافظ عليها في أكبر المتاحف الداخلية و الخارجية إستمتاعاً للسائحين.
في الزاوية الشرقية لمدينة هكمتانه زوروا متحفاً ثميناً ينقسم الى القسمين و يعرض لكم آثاراً قيّمةً من فترات ايران المختلفة الاسلامية و قبل ميلاد المسيح و لا تنسوا المعالم اللطيفة الاخرى المتوفّرة هناك لا سيّما كنيسة جريجوري استفان للارمن المسيحين المهاجرين الى همدان.
جولةٌ ممتعةٌ بمنتهى الروعة في ازقّة مدينة هکمتانه الاثرية المذهلة بجوار الاجواء الطبيعية المنعشة تُعتبر من أحلى ذكرياتٍ يسجّلها عشّاق الاسفار الجامعة بين جمال الطبيعة و نضارة الطقس و عظمة التاريخ إذن ننصحكم أن لا تفوتوا هذا الصرح المهيب في رحلاتكم الى مدينة همدان التاريخية بإعتبارها أحد أمثل اماكنها لجذب السياح.
